مرحباً بك أخي الزائر أنت لم تقم بالتسجل في المنتدى ؟؟
يمكنك المشاركة معنا و الأستفادة من جميع خدمات المنتدى بالتسجيل معنا ( بالنقر على زر تسجيل )
ثم أكمل جميع البيانات المطلوبة
مرحباً بك أخي الزائر أنت لم تقم بالتسجل في المنتدى ؟؟
يمكنك المشاركة معنا و الأستفادة من جميع خدمات المنتدى بالتسجيل معنا ( بالنقر على زر تسجيل )
ثم أكمل جميع البيانات المطلوبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» عميد كلية المجتمع بالشحر يبعث رسالة شكر وثناء للمجلس الأهلي بالشحر
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالثلاثاء نوفمبر 17, 2015 4:23 am من طرف ngema

» لجنة الخدمات بالمجلس الأهلي بالشحر تقوم برفع القمامات التراكمية تمهيدا لعملية الرش الضبابية في كافة أحياء مدينة الشحر
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالثلاثاء نوفمبر 17, 2015 4:19 am من طرف ngema

» وثيقة صلح وتحكيم تخمد فتنة قبلية كادت أن تستعر
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالثلاثاء نوفمبر 17, 2015 4:13 am من طرف ngema

» حصري : تحميل كتاب : كشف مغالطات السقاف على تاريخ بامخرمة والشواف
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالأحد نوفمبر 15, 2015 7:14 am من طرف ngema

» حصرياً تحميل كتاب : من الالعاب الشعبية رقصة العدة للباحث عبدالله صالح حداد
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالسبت نوفمبر 07, 2015 6:48 am من طرف انور السكوتي

» برنامح كتابة المعادلات الرياضية عن طريق الورد
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالخميس مايو 21, 2015 8:42 pm من طرف النصرة لدين الله

» مقامة متاعب الأسفار في رحلتي إلى جزيرة زنجبار للمؤرخ الشاعر عبد الله باحسن جمل الليل
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالسبت يناير 17, 2015 8:07 pm من طرف رحال

» الشيخ مبارك باشحري خطيب ساحة الحرية بالشحر يدعوا المعتصمين في الساحات إلى الإستمرار فيها , والتحصن من كل شيء يقلل من حجمها .
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالإثنين نوفمبر 24, 2014 5:29 am من طرف ngema

» مهرجان بشائر الإستقلال بمدينة الشحر في عده التنازلي
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالإثنين نوفمبر 24, 2014 4:59 am من طرف ngema

» عودة قافلة ابناء الشحر لمدينتهم بعد ايصال تبرعات الاهالي للمعتصمين بالعاصمة عدن
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالجمعة نوفمبر 21, 2014 6:59 pm من طرف انور السكوتي

تصويت
هل تؤيد فكرة حجب الصور و الروابط عن زوار المنتدى ؟
نعم الصور و الروابط
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_rcap0%الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_lcap
 0% [ 0 ]
نعم الصور فقط
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_rcap0%الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_lcap
 0% [ 0 ]
نعم الروابط فقط
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_rcap63%الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_lcap
 63% [ 5 ]
لا
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_rcap38%الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل I_vote_lcap
 38% [ 3 ]
مجموع عدد الأصوات : 8
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
المواضيع الأكثر نشاطاً
برنامح كتابة المعادلات الرياضية عن طريق الورد
حادث فظيع يحصد تسعه ارواح من ابناء الشحر
نبذة تاريخية عن مدينة الشحر ( الجزء الأول )
للتثبيت : كتب في المكتبات
صدق أو لا تصدق ( قرون في عجوز من الصين )
خاص بالصور التاريخية المحلية ( متجدد )
قبائل حضرموت عند ابن جندان
(((((حقيقة موطن ابن ماجد)))))
مدينة الشحر
مساجد مدينة الشحر
عدد زوار المنتدى

.: أنت الزائر رقم :.

------- معلوماتك ------ الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Geouser ---- سجل الزيارات ----
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 51 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 51 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 104 بتاريخ الأربعاء فبراير 16, 2011 11:49 pm

 

 الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رحال
عضو ذهبي
عضو ذهبي
رحال


ذكر
البلد : الشحر
تاريخ التسجيل : 15/06/2012
عدد المساهمات : 1262
نقاط : 11082
السٌّمعَة : 0

الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Empty
مُساهمةموضوع: الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل   الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل Emptyالسبت سبتمبر 01, 2012 9:13 am

الاستغاثة
الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل الكتاب ، وهزم الأحزاب .
الحمد لله الذي جعل القرآن بياناً وتبياناً لا شك فيه ولا ارتياب ، ولا إله إلا الله كلمة قامت عليها الأرض والسموات ، وابتدئت بها الرسالات ، وجردت لأجلها السيوف القاطعات .
وأشهد أن محمداً رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين ، والمبعوث رحمة للعالمين ، جاء بالحق اليقين ، والنور المبين ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
أما بعد :
إننا في زمان تلبّس معظم أهله بالجهل ، واتبعوا صوت كل ناعق ، فعميت أبصارهم وبصائرهم عن معالم سنن الهدى ، ونطق فيهم الرويبضة ، فأفتى بغير علم فضلَّ وأضل .
وإن من أشد أنواع الجهل جهلاً أن لا يُفرّق بين الكفر والإسلام ، ولا بين المعصية والطاعة ، وأشد منه أن يُحسب الكفرُ إسلاماً والمعصية طاعةً .
وهذا مبحث مختصر يكشف زيف المارقين الجاهلين ، الداعين إلى الاستغاثة بالأموات والغائبين ، مبيناً في ذلك جهلهم ، ودافعاً إليهم شبههم ، مقرراً فيه ما دلّت عليه الأدلة وأجمع عليه أهل الملّة .
فأقول مستعيناً بالله وحده :
معنى الاستغاثة وأنواعها
الاستغاثة : مصدر الفعل اسثغاث . وهي : طلب الغوث لإزالة الشدة .
مثل الاستعانة : طلب العون .
قال تعالى : ] فاستغاثه الذي من شيعته [ .
فالاستغاثة إذاً من جنس الدعـــاء ، إلا أن الدعاء أعم فيكون لإزالة الشدة – وهو الاستغـاثة - ، أو لجلب الخير - فيكون إستعانة - .
وقال بعضهم : [ الاستغاثة هي الإعانة ] .
وعلى أية حال فهي لا تخرج عن الدعاء ، كما قال تعالى :
] إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم [ .
ومعلوم يقيناً وقطعاً أن الدعاء منه ما هو عبادة ، ومنه ما ليس كذلك ، فأما الذي هو عبادة فلا يجوز صرفه لغير الله تعالى ، لأن من صرف شيئاً من العبادات الشرعية صغرت أم كبرت لغير الله تعالى صار كافراً مرتداً بإجماع أهل الإسلام، ومما يدل على ذلك :
قول الله تعالى :] ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون [ .
وقوله تعالى : ] وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [ .
وقوله تعالى ] ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين [ .
وقوله تعالى : ] ومن أضل ممن يدع من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون [ .
وقوله تعالى : ] له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى المـاء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال [ .
وقوله تعالى : ] والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعــوا دعاءكم ولو سمعــوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم [ .
وغيرها من الآيات الكثيرة الدالة على هذا المعنى .
ومن الأحاديث : قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (( من مات وهو يدع من دون الله ندّاً دخل النار )).
وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أحمد والترمذي (( الدعاء هو العبادة )) . ومما يدل على أن الدعاء هو العبادة من القرآن :
قوله تعالى ] وقال ربكم أدعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [ .
وقوله ] وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً ، فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب [ .
وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين (( ينـزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ثم يقول : من يدعوني فأستجب له ؟ ... )) الحديث .
وعند أحمد وابن أبي شيبة والحاكم وصححه (( من لم يدع الله يغضب عليه )) .
والصنف الثاني من الدعاء ؛ الذي هو ليس بعبادة ، فهذا ليس بشرك ولا كفر . ومن ذلك :
استغاثة ذلك الرجل بموسى عليه السلام في قوله تعالى : ] فاستغاثه الذي من شيعته [ .
ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- (( من دعاكم فأجيبوه )) .
ومثله في النصرة ] وإن استنصروكم فعليكم النصر [ .
ومثله في الإعانة ] فتعاونوا على البر والتقوى [ .
وفي الحديث (( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )) .
بيان حكم الاستغاثة
من خلال ما قدمنا يقوم الجواب عن سبب كتابة هذه الأسطر وهو :
حكم الاستغاثة بالأموات والغائبين ، بل والحاضرين فيما لا يقدر عليه إلا الله .
فهل هذه الاستغاثة من النوع الأول فتكون شركاً مخرجاً من الملة ؟
أم من النوع الثاني فلا تكون شركاً ؟
وللإجابة عن ذلك :
ينبغي أولاً معرفة حال المشركين ، الذين كفّرهم القرآن ، لصرفهم الدعاء لغيره تعالى الذي مر في الآيات السابقة .
فالمشركون هؤلاء لم يكونوا يجحدون وجود الله بل كانوا يقرّون ويعترفون أن الله سبحانه وتعالى خالقهم ومدبّر شأنهم ومالك أمرهم وأنه المحيي والمميت وأنه رب السموات والأرض ؛
قال تعالى ] ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ .
وقال تعالى ] ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم [ .
وقال تعالى ] قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار والأفئدة ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبّر الأمر فسيقولون الله ، فقل ألا تتقون [ .
وقال تعالى ] قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون ، قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله قل أفلا تتقون [ .
وقال تعالى ] قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تصرفون [ .
ومع كل ذلك كفّرهم القرآن ، ووصفهم بالشرك ، ومما كفّرهم به أنهم جعلوا لهم وسائط بينهم وبين ربهم ، يتوجهون إليها ويدعونهم ويستغيثون بهم ؛
قال تعالى ] ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله [ .
وقال تعالى ] والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [ . وقد قدمنا أن الدعاء هو العبادة .
وهؤلاء المدعوون من الأصنام كان منهم رجال صالحون ، كما جـاء في صحيح البخاري من قول ابن عباس عن ؛ ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، أنهم رجال صالحون عُبدوا بعد موتهم .
ومنهم أنبياء وملائكة وغير ذلك اتخذوهم وسطاء وشفعاء عند الله ، يرفعون إليهم حاجاتهم ، ويستغيثون بهم ، حيث جعلوا الله كملوك الأرض يحتاجون إلى وسطاء في رفع الحوائج .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه < الواسطة بين الحق والخلق ص 18 > : [ ومن أثبتهم ( أي الأنبياء والصالحين ) وسائط بين الله وخلقه كالحجّاب بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه ، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم ، فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله ، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك الحوائج للناس لقربهم منهم ، والناس يسألون أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك ، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك ، لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج ، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك ، يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وهؤلاء مشبهون لله شبّهوا المخلوق بالخالق وجعلوا لله أنداداً ] .
وكان هؤلاء المشركون يعتقدون في عبادتهم لتلك الأصنام أنها قربة إلى الله .
قال الإمام البكري الشافعي عند قوله ] من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار والأفئدة ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي [ الآية : [ فإن قلتَ : إذا أقرّوا فكيف عبدوا الأصنام ؟ قلتُ : كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام عبادة الله ( وهكذا ما يفعله عباد القبور ) والتقرّب إليه ولكن بطرق مختلفة ، ففرقة قالت : ليس لنا أهلية عبادة الله تعالى بلا واسطة لعظمته ، فعبدناها لتقربنا إليه زلفى . وفرقة قالت : الملائكة ذو جاه ومنزلة عند الله تعالى ، فاتخذنا لنا أصناماً على هيئة الملائكة لتقربنا إلى الله زلفى . وفرقة قالت : جعلنا الأصنام لنا قبلة في العبادة كما أن الكعبة قبلة في عبادته . وفرقة اعتقدت أن لكل صنم شيطاناً موكلاً بأمر الله ( وهذا ما يعتقده أيضاً كثير من عبدة القبور أن للولي الفلاني نفر من الجن مسخّر له بزعمهم ) فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان بأمر حوائجه ، وإلا أصابه شيطانه بنكبة بإذن الله ] .
وقال شيخ الإسلام في الرسالة السنية : [ والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام ، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق ، أو تنـزل المطر ، أو تنبت النبات ، وإن كانوا يعبدونهم ويعبدون قبورهم أو صورهم ، ويقولون : إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى . ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله . فبعث الله رسله تنهي أن يدعى أحد من دونه ، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثــة ، وقال : ] قل ادع الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشـف الضـر عنكم ولا تحويلاً ، أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب [ ] < راجع كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان لمحمد بشير السهسواني > .
وبعد كل ما تقدم نقول :
هل ما يفعله المستغيثون بالأموات ونحوهم من الأنبياء والصالحين يشابه ما يفعله المشركون أم لا ؟
الجواب :
الحق الذي لا مرية فيه أن هؤلاء قد صنعوا عين ما فعله المشركون بل زادوا عليه .
وإليك برهان ذلك :
أولاً : إنهم جعلوا من يستغيثون بهم وسائط بينهم وبين الله ، فشبهوا الله بملوك الأرض ، وهذا التشبيه شرك صراح تنـزه الله عنه ، قال تعالى ] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ .
يقول أحد أقطابهم معترفاً بهذه الوسائط بأنه [ لا يوجد أحد يعبد نبياً أو ولياً ، وإنما غاية ما يفعله الناس أن يجعلونهم وسائط بينهم وبين خالقهم ] .
وهذا الجاهل المصرّح بذلك لا يعرف معنى العبادة ، إذ العبادة عنده صلاة وصوم ونحوها ، لذلك كان أجهل من المشركين بمعنى العبادة .
فالمشركون كانوا يعرفون أن العبادة تشمل الصلاة والزكاة والصيام والحج والنذر والذبح والدعاء والاستغاثة والاستعانة واتخاذ الوسائط قربى ، فلذا قالوا وهم عالمون بذلك : ] ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [ .
أما هؤلاء فلجهلهم بمعنى العبادة وحقيقتها - حيث اقتصر مفهومها على الشعائر ونحوها - وقعوا في الشرك والكفر بصرفهم بعض العبادة لغير الله .
قال الإمام الصنعاني في كتابه < تطهير الاعتقاد ص 51 > رداً على قولهم : [ نحن لا نعبـد هؤلاء ولا نعبد إلا الله وحده ولا نصلي ولا نصوم ولا نحج لغيره ، قلتُ : هذا جهل بمعنى العبادة ، فإنها ليســت منحصرة فيما ذكرنا ، بل رأسها وأساسها الاعتقاد ، وقد حصل في قلوبهم ذلك بل يسمونه معتقداً ، ويصفـون له ما سمعت مما يتفرّع عن الاعتقاد من دعائهم وندائهم والتوسل بهم و الاستغاثة والاستعانة والحلف والنذر وغير ذلك ] إلى أن قال [ ومن تكلم بكلمة الكفر صار كافراً فكيف بمن بلغ هذه المرتبة اعتقاداً وقولاً وفعلاً ] .
وقال أيضاً < صفحة 4.-41 > في ردّه على مثل قولهم : نحن لا نشرك بالله شيئاً ولا نجعل لله نداً وإن الالتجاء إلى الأولياء ليس شركاً . قال الصنعاني : [ نعم يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم ، ولكن هذا جهل بمعنى الشـرك ، فإن تعظيم الأولياء ونحرهم النحائر شرك والله يقول ] فصل لربك وانحر [ أي لا لغيره كما يفيده تقديم الظرف ، ويقول تعالى ] وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [ ] .
ثانياً : إنهم اعتقدوا فيمن يستغيثون به ما يعتقدون في الله تعالى ، فإنهم جعلوا لهم سمعاً مطلقاً وعلماً مطلقـاً ، فتراهم يدعونهم ربما على بعد آلاف الأميال ، فذاك في مصر يستغيث بمن في العراق ، وذاك في اليمن يستغيث بمن في الهند ، اعتقاداً منه أنه يعلم بحاله ويسمع ندائه ودعائه ، وقادر على تحقيق طلبه من جلب خير أو دفع ضر وأنه حاضر وقت الطلب ، فتسمع : يا محضار احضر ، وغير ذلك .
[ ومن المواقف العديدة المعاصرة في ذلك أنه قد زعم الخليفة الحالي للسيد البدوي في مولد عام 1991م ( أن السيد البدوي معك أينما كنت ولو استعنت به في شدتك وقلت : يا بدوي مدد ، لأعانك وأغاثك ) قال ذلك أمام الجموع المحتشدة بسرادق وزارة الأوقاف بالقاهرة أمام العلماء والوزراء وقد تناقلته الإذاعات وشاشات التلفاز ] < مجلة البيان العدد 132 ص42 > .
ثالثاً : إنهم أعظم من الأوائل شركاً . فإن الأوائل يدعون معبوداتهم في الرخاء ، فإذا حلّت بهم النازلة وأشرفوا على المهالك ، تركوا أصنامهم وهرعوا إلى ربهم مخلصين له .
قال الله تعالى ] وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون من دون الله ، فلما نجّاهم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً [ .
وقال ] وإذا مسّ الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ، ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل .. [ .
وقال ] وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين [ .
وهذا بخلاف ما يفعله المستغيثون بالأموات والغائبين ، فإنهم إذا دهمتهم الشدائد ، وحلت بهم المهالك ، اشتدت اسغاثتهم بهم وكثرت النذور ، وهذا أمر يعرفه كل من خالطهم أو سار معهم ، وتراهم فوق ذلك يطوفون حول قبورهم ومشاهدتهم ويشرعون لها المناسك ، وهذا موجود عندنا في حضرموت كزيارة نبي الله هود المزعومة ، والحول السنوي عند قبر علي بن محمد الحبشي وغيرها ، وربما قال بعضهم للقادم من هناك ( حج مقبول أو مبرور ) ونحوها من العبارات .
[ وعلى ذلك فليس بمستغرب أن يقول السخاوي : جاء الحجّاج هذه السنة لسيد أحمد بدوي من الشام وحلب ومكة أكثر من حجاج الحرمين ] < مجلة البيان العدد 132 > .
وربما تقربوا بالنذور إليهم بما لا يتقربون به إلى الله ؛
يقول الشوكاني في الدر النضيد : [ وأما التقرّب إلى الأموات ، فانظر ما يجعلونه من النذور لهم على قبورهم في كثير من المحلات ، ولو طلب الواحد منهم ليسمح بجزء من ذلك لله تعالى لم يفعل ، وهذا معلوم يعرفه من عرف حال هؤلاء ] < راجع صيانة الإنسان ص 161 > .
[ ومن ذلك أن أبا المواهب الشاذلي يقول : ( رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي إذا كانت لك حاجة وأردت قضاءها فانذر لنفيسـة الطاهرة ولو فلساً فإن حاجتك تُقضى ) < طبقات الشعراني 2/74 > فهذا الحلم الشيطاني دعوة صريحة للشرك بالله ونقض التوحيد ] < البيان العدد 131 ص 55 > .
رابعاً : إنهم يطلبون ممن يستغيثـون بهم من الأموات والغائبين ، أموراً لا يقدر على تحقيقها نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا أحد من الخلق أبداً ، وينادونهم بالألفاظ التي لا تليق إلا بالله تعالى ، مما يدل على أنهم يعتقدون فيهم كمال التصرّف في الكون ، وأنهم قادرون على ما لا يقدر عليه البشر من جلب الرزق والشفـاء والولــد والنصر على الأعداء واعتقاد الضر والنفع ، بل ربما رأوا أنهم إن دعوا الله لم يستجب لهم ، وإن دعوا غيره من أوليائهم استجاب لهم وسارع في تحقيق مطلبهم ، بل تفضّل عليهم بأكثر مما طلبوا .
[ وقد أورد أبو بكر العراقـي عن بعض القبوريـين وهو إمام وخطيب في أحد مساجد ديالي المهمة يقول : ( دعوت الله ست سنوات أن يرزقني الولد فلم أرزق ، وذهبت إلى شيخــي مصطفى النقشبندي – أربيل – فما أن استغثت به وطلبت منه الولد حتى رزقت بطفلين توأمين ) .
تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
وهذا النموذج الصارخ يحوي على جميع أنواع الشرك ؛ ربوبية وألوهية وأسماء وصفات ] < مجلة البيان العدد 132 ص 56 > .
وقد صرّح أحد كبار التنظير القبوري وهو أحمد بن محمد بن صديق الغماري بوجود الشرك الأكبر الصراح في القبورية ، قال : [ .. وإن عندنا في المغرب من يقول في ابن مشيش إنه خلق الابن والدنيا ، ومنهم من قال والمطر نازل بشدة : يامولانا عبد السلام الطف بعبادك !! فهذا كفر ] < البيان العدد 132 ص 63 > .
يقول محمد بن علي خرد : ثلاثة لا تزال خيل ساحتهم مسرجة ملجمة لمن دعاهم أو استغاث بهم ( عمر المحضار ، وعلوي بن محمد بن الفقيه المقدم ، وابنه علي بن علوي خالع قسم ) . فنظمهم بقوله :
إذا خفت أمراً أو توقعت شدة فنوه بهم أن يدركوك ويحضروا
فنوه بعلوي الفتى وابنه علي كذا عمر فيما يحل ويعسر
فغارتهم تنجيك من كل شدة وعسر وضيق أو بصدرك يكبر
< راجع المشرع الروي ص 2.1 >
وتراهم أيضاً يطلبون منهم العفو ومغفرة الذنوب وإجابة الدعوة ويرجونهم .

يقول البرعي في استغاثته برسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
أرجوك في سكرات الموت تشهدني كي ما يهون إذ الأنفاس في صعد
وإن نزلت ضريحاً لا أنيــس به فكن أنيس وحيد فيه منفــرد
وارحـم مؤلفها عبد الرحيم ومن يليه من أجله وانعشه وافتقــد
وإن دعا فأجبه واحـمِ جانبــه من حاسد شامت أو ظالم نكـد
وقال بعضهم في استغاثته بميت :
وامنن علي بتوفيق وعافيـــة وخير خاتمة مهما انقضى عمري
وكفَّ عنا أكف الظالمين إذا أشـ ـتدت بسوء لأمر مؤلم نكـرِ
فإنني عبدك الراجي بودك مــا أمّلته يا صفي السادة الغــررِ
قال بعض العلماء : [ فلا ندري أي معنى اختص به الخالق تعالى بعد هذه المنـزلة ، وماذا أبقى هذا المتكلم الخبيث لخالقه ، فإن المشركين أهل الأوثان ما يؤهلون من عبدوه لشيء من هذا ] < راجع تيسير العزيز الحميد ص142-143 > .
فهذا الغلو في الأموات بلغ بهم أن صيّروهم أصناماً ، قال ابن كثير في البداية والنهاية عن موت السيدة نفيسة سنة 2.8هـ وتعظيم المصريين لها ولقبرها : [ وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها ] وقال الذهبي في ترجمة السيدة نفيسة في < السير 1./1.6 > : [ ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف ولا يـجوز مما فيه من الشرك ، ويسجدون لها ويلتمسون منها المغفرة وكان ذلك من دسائس دعاة العبيدية ] .
وبعد هذا كله ؛ لا يستريب لبيب ، ولا يشك كل من له أدنى مسكة عقل ، في أن هؤلاء قد ارتكبوا الكفر البواح ، والشرك الصـراح الذي لا تأويل معه ، فإن لم يكن ما فعلوه كفراً وشركاً فليس في الدنيا بعده كفر ولا شرك .
الرد على الشبه
بقي هناك أبواب الشيطان ( باب الشبه ) يدلج منه هؤلاء ويلبسون على الناس ، فيظهرون الباطل بلباس الحق ، يخدعون به من لا علم عنده .
ومعلوم أن باب الشبه باب واسع كلما أُغلق منه باب فتح لهم الشيطان أبواباً ، ولذا جعلت ما قدمته أصلاً عاماً يُرد به عليهم في هذا الباب .
وسأورد مجمل الشبه التي يتشبث بها هؤلاء القبوريون وأرد عليها بما يتناسب مع المقام :
( 1 ) قولهم : [ إن الأولياء والصالحين الذين نستغيث بهم لا نعتقد فيهم ضرّاً ولا نفعاً ، بل الضر والنفع لله وحده ] .
الجواب عن ذلك : إن مجرّد اعتقاد الضر والنفع لله وحده لا يكفي لجعل المرء مسلماً موحداً ، فكفاّر قريش كانوا يعتقدون هذا الاعتقاد أن النافع والضار هو الله فلما صرفوا الدعاء لغير الله شرّكهم الله . ولو أن رجلاً سبَّ الله أو رسوله أو دين الإسلام أو حلّل ما أجمعت الأمة على تحريمه كَفَرَ إجماعاً ، ولو ادعـى وقال : أنا أعتقد الضر والنفع لله وحده . لم يكن ذلك مانعاً من تكفيره واستحلال دمـه ومالـه . وكذا شأن من صرف شيئاً من أنواع العبادات لغيره تعالى ، وجعل مع الله واسطة يتقـرب بها إلى الله ، كما مر بيانه وسيأتي نقل الإجماع على ذلك .
أضف إلى ذلك أن من هؤلاء القبوريين من صرّح بأن هؤلاء المدعوّين يملكون التصرّف في الكون وقضاء الحاجات ، وهذا داخل في باب الضر والنفع ، وقد مر بك بعض أقوالهم .
وقال الآلوسي في < روح المعاني م2ج3ص129 > : [ ولا أرى أحداً ممن يقول ذلك ( يعني أغثني يا فلان ) إلا وهو يعتقد أن المدعو الحي الغائب أو الميت المغيب يعلم الغيب و يسمع النداء ويقدر بالذات أو بالغير على جلب الخير ورفع الأذى ، وإلا لما دعاه ولا فتح فاه ، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ، فالحزم التجنب من ذلك إلا من الله تعالى القوي الغني الفعال لما يريد ] .
( 2 ) ومن شبههم أيضاً قولهم : [ إن الاستغاثة بالرسول -صلى الله عليه وسلم- قد ثبتت بالأدلة الصحيحة ، منها ما رواه أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : ادع الله أن يعافيني . قال : (( إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذلك وهو خير لك )) فقال : ادعه . فأمره أن يتوضأ ويحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء (( اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي ، اللهم فشفعه في وشفعني فيه )) ففعل الرجل فبرأ . وبحديث فتح الكوّة وقد رواه الدارمي ، وملخصه : أن الناس شكوا إلى عائشة القحط فأشار إليهم أن يفتحوا كوّة إلى السماء من فوق قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- . ففعلوا . فأمطروا حتى نبتت العشب وسمنت الإبل . وغيرها من الأحاديث القريبة مما ذكرنا ] .
الجواب : إن حديث الضرير المذكور بهذا اللفظ صحيح الإسناد ، ولكنه لا يصلح دليلاً ولا شاهداً على مشروعية الاستغاثة بالأموات والغائبين ، لأن فيه توسلاً بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو حاضر ، والكلام إنما في جواز الاستغاثة بالأموات والغائبين ، والأحياء فيما لا يقدرون عليه .
ففرق بين التوسل والاستغاثة في اللفظ والمعنى ، فالتوســـل إنما فيه طلب الدعاء من المتوسل به ، وأما الاستغاثة ففيها طلب قضاء الحاجة من المستغاث به ، فالأولى سؤال الله أما الثانية سؤال غير الله .
وبمثل هذا الكلام يُرد على ما يورده هؤلاء من أدلة التوسل على مشروعية الاستغاثة . وهذا إما جهل منهم أو تعصب .
وأما حديث فتح الكوّة فإسناده ضعيف . فيه سعيد بن زيد ، ضعفه الذهبي في الميزان ، وقال الحافظ في التقريب : صدوق له أوهام . وفيه عمر بن مالك المنكري ، قال في التقريب : صدوق له أوهام .
وقال شيخ الإسلام في رده على البكري [ إنه ليس بصحيح ولا يثبت إسناده ] .
ولو صح هذا الأثر فليس فيه استغاثة ، غاية ما فعلوه فتح الكوّة من قبره إلى السماء فأمطروا ، ففيه تبرّك لا طلب غوث منه -صلى الله عليه وسلم- .

( 3 ) ومما تمسكوا به قولهم : [ قد ثبتت استغاثة العباد يوم القيامة بالأنبياء حتى انتهوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ] .

الجواب : إن الاستدلال بحديث الشفاعة يوم القيامة ، ليس فيه طلب غوث من ميت ، بل المطالبون بالشفاعة في ذلك اليوم أحياء . ومع ذلك فالشفاعة في ذلك اليوم لا تكون منه -صلى الله عليه وسلم- مباشرة ، بل بعد إذن الله ورضاه ، فيسجد ويقال له : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع . فالناس في ذلك اليوم إنما طلبوا الدعاء منه -صلى الله عليه وسلم- وجميعهم أحياء ، والكلام هنا إنما هو عن الاستغاثة بالأموات والغائبين وطلب أن يقضوا حاجاتهم بأنفسهم لا أن يدعوا الله لهم .

( 4 ) ومما تمسكوا به : [ حديث (( إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور )) ] .

الجواب : إن هذا الحديث المزعوم كذب واختلاق .

قال شيخ الإسلام ابن تيميه في < القاعدة ص 157 > : [ فهذا الحديث مفترى على النبي -صلى الله عليه وسلم- بإجماع العارفين بحديثه ، لم يروه أحد من العلماء بذلك ، ولا يوجد في شيء من الكتب المعتمدة ] .

وقال صاحب < تيسير العزيز الحميد ص 249 > : [ وقولهم ( لو حسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه ) قال ابن القيم : وهو من وضع المشركين عباد الأوثان ] .

( 5 ) ويحتجون أيضاً بما [ رواه ابن أبي يعلى عن ابن مسعود مرفوعاً : (( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلات فلينـاد : يا عباد الله احبسوا علي ، يا عباد الله احبسوا علي ، يا عباد الله احبسوا علي ، فإن لله حاضراً سيحبسه عليكم )) قالوا : وقد جرّب ذلك فنفع . وفي حديث ثان (( إذا ضل أحدكم شيئاً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أغيثوني ، يا عباد الله أغيثوني ، فإن لله عباداً لا نراهم )) وثالث عن ابن عباس (( إن لله ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلات ، فليناد : يا عباد الله أعينوني )) ] .

والجواب : أما الحديثان الأولان فضعيفان . فالأول مداره على معروف بن حسان وهو منكر الحديث قاله ابن عدي فيما نقله عن الذهبي < تيسير العزيز ص 247 > ، كما أن في سنده انقطاع بين أبي بريدة وابن مسعود كما قال الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه ابن علان في شرحه للأذكار : [ وللحديث طريق معضل أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن محمد بن اسحاق عن أبان بن صالح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال : .. فذكر نحوه ، وهذا مع إعضاله فيه عنعنة ابن اسحاق ] .

وأما الحديث الثاني فقد رواه الطبراني في الكبير وسنده ضعيف . ففيه عبد الرحمن بن شريك وهو ابن عبد الله القاضي كلاهما ضعيف . فالابن قال عنه الحافظ : صدوق يخطئ ، وقال في أبيه : صدوق يخطئ كثيراً تغيّر حفظه منذ ولي القضاء في الكوفة ، وقال الهيثمي عن هذا السند [ رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم ] . كما أن فيه انقطاعاً بين عتبة وابن علي ، كما قال الحافظ في تخــريج الأذكار : [ أخرجه الطبراني بسند منقطع ] .

وأما الأثر الثالث عن ابن عباس فاختلف في رفعه ووقفه ، فقد جاء من طريقين الأولى عند البزار مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، والثانية عند البيهقي في الشعب موقوفاً على ابن عباس ، وإسناد الطريقين حسن إلا أن جعفر ابن عون وهو في سند البيهقي أوثق من حاتم بن إسماعيل في سند البزار ، فإنهما وإن كانا من رجال الشيخين ، فالأول لم يجرح بشيء ، بخلاف الآخر فقد قال فيه النسائي ليس بالقوي ، وقال غيره كانت فيه غفلة ، ولذلك قال فيه الحافظ صحيح الكتاب صدوق يهم ، وقال في جعفر صدوق ، ولذلك فالحديث معلول بالمخالفة والأرجح أنه موقوف . < راجع السلسلة الضعيفة للمحدث الألباني برقم 655-656 > .

وذكر بعضهم في هذه الأحاديث علل غير ما ذكرنا . < راجع هذه مفاهيمنا ص 48-53 > .

ثم لو جاز أن تكون هذه الأحاديث صحيحة الإسناد كسلسلة الذهب ومرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان فيها دليلاً على جواز الاستغاثة الشركية .

ففي الحديث الأول قال (( فإن في الأرض حاضراً )) فليس إذاً بغائب أو ميت .

وفي الحديث الثاني قال (( فإن لله عباد لا نراهم )) وهذا ينطبق على الملائكة الذين جاء ذكرهم في رواية ابن عباس (( إن لله تعالى ملائكة في الأرض )) وقد نقل عن أحمد أنه يعمل بذلك .

فلا حجة إذاً فيما استدلوا به ، فحينئذ هو من الاستعانة الجائزة لأنها معروفة الأسباب وفيما يقدرون عليه .

وأما قولهم ( فقد جرّب فنفع ) فالجواب ما ذكره الإمام الشوكاني في تحفة الذاكرين بمثل هذه المناسبة : [ فأقول إن السنة لا تثبت بمجرد التجربة ، ولا يخرج الفاعل للشيء معتقداً أنه سنة عن كونه مبتدعاً ] < نقلاً من السلسلة الضعيفة رقم 655 > .

( 6 ) واحتجوا بما [ رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة عن ابن عمر y أنه خدرت رجله ، فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك . فقال : يا محمد . فكأنما نشط من عقال ] .

الجواب : هذا الأثر موقوف على ابن عمر ، وهو ضعيف ، ففيه محمد بن مصعب ، قال فيه ابن معين كان مغفلاً ، وقال النسائي وأبو حاتم إنه ضعيف ، وقال الخطيب عنه إنه كثير الغلط لتحديثه من حفظه . ولا ينفعه توثيق ابن قانع فهو من المتساهلين . وأما قول أحمد فيه ليس به بأس ، يعني أنه صدوق في نفسه ولكنه ضعيف الحديث . وفيه الهيثم بن حنش مجهول العين قاله الخطيب في الكفاية في علوم الراية . وفيه أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس وقد عنعن في روايته عن هذا المجهول . ثم إن أبا إسحاق قد اختلط فمرة رواه عن أبي شعبة ( أو أبي سعيد ) وتارة عن عبد الرحمن بن سعد ، وهذا اضطراب يرد به الحديث .

وجاء أيضاً عن ابن السني عن ابن عباس y أن رجلاً خدرت رجله عنده فقال له : اذكر أحب الناس إليك . فقال: محمد -صلى الله عليه وسلم- . وهذا الأثر في إسناده غياث بن إبراهيم كذبه ابن معين .

وأمثل ماروي في هذا الباب وأصحه على تدليس أبي إسحاق ما رواه البخاري في الأدب المفرد : خدرت رجل ابن عمر . فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك . فقال : محمد . وهذا الأثر يختلف عن الأول ففيه ( محمد ) بدون نداء ، وهذه الرواية عن سفيان وهو من الحفاظ الأثبات ، فنقله خبر أبي إسحاق بهذا اللفظ يدل على أنه هو المحفوظ وسواه غلط مردود .

ولا يجوز الاستدلال بمثل ما ذكرنا على جواز الاستغاثة الشركية بالأموات وغيرهم ، فغاية ما فيه ذكر المحبوب لا طلب حاجة منه ، ولا أن يكون واسطة بينه وبين ربه .

ثم ماذا نقول في الكافر إذا ذكر حبيبه فزال خدر رجله ؟!

فإن هذا العلاج كان معروفاً عند الجاهليين قبل الإسلام ، جرّب فنفع ، وليس فيه إلا ذكر المحبوب ، وقيل في تفسير ذلك إن ذكره لمحبوبه يجعل الحرارة تتحرك في بدنه فيجري الدم في عروقه فتتحرك أعصاب رجله فيذهب الخدر .

وقد جاءت الأشعار في هذا كثيراً في الجاهلية والإسلام ، فمنها قول الشاعر :
صبٌّ محبُّ إذا ما رجله خدرت نادى كبيشة حتى يذهب الخدر

وقول جميل بثينة :
وأنتِ لعيني قرة حين نلتقي وذكرك يشفيني إذا خدرت رجلي

وقال الموصلي :
والله ما خدرت رجلي وما عثرت إلا ذكرتك حتى يذهب الخدر

وغيرها من الأبيات في هذا المعنى ، أفيقال أن هؤلاء العشاق استغاثوا بمعشوقاتهم فتقبل الله وساطتهم فذهب خدر أرجلهم . لا عجب أن يجيب القبـــوريون بـ : نعم . فإنهم يستغيثون بمن علم صلاحه أو لم يعلم ، بل ربما استغاثوا بمن عرف عنه الفسـاد ، بل صدر منه الكفر البواح الذي لا تأويل معه . < نقلاً عن هذه مفاهيمنا ص 43-47 بتصرف > .

(7) ومن شبههم أيضاً قولهم : إن الحي ينتفع بالميت ، ودليل ذلك :

أ‌- مراجعة موسى عليه السلام لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المعراج في أمر الصــلاة وتخفيفها ، فلو كان الحي لا ينتفع بالميت لما استطاع موسى مراجعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتخفيف الصلاة .

والجواب على ذلك : أن حادثة المعراج آية خارقة فلا يقاس عليها أبداً ، ثم إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخاطب موسى وهو يراه حاضراً عنده وفي أمر يقدر عليه ، وإنما كلامنا هنا عن الاستغاثة بالغائب والميت ، وموسى وإن كان ميتاً لكنه في حياة برزخية ، وقد ارتقى إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان الجميع في عالم واحد ، ثم أن موسى إنما كانت منه المراجعة فقط ، وأين هذا مما يطلبه القبوريون ويفعلونه عند القبور من طلب الشفاء والولد من المقبور ، أضف إلى ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يطلب من موسى شيئاً بل كان موسى هو الذي أشار عليه بأن يرجع إلى ربه فيسأله التخفيف فإن هذا من سؤال المخلوق فيما يقدر عليه .

ب‌- ومن ذلك قولهم : إن مما يدل على أن الحي ينتفع بالميت ما قصّه الله في سورة الكهف في قصة موسى والخضر والغلامين اللذين حفظ الله مالهما بسبب صلاح الأب والأب قد مات بل قيل أنه الأب السابع ، فلوكان الحي لا ينتفع بالميت لما نفع صلاح الأب بعد موت .
والجواب عن ذلك :
أولاً : إن كلامنا هنا عن الاستغاثة بالميت وطلب الغوث منه ،وهو هنا منعدم ، فلا دلالة في ذلك على جوازها .
ثانياً : كون الحي انتفع بصلاح الميت لا يعني جواز الاستغاثة به ، فالله سبحانه قد جعل صلاح الوالد سبباً في رزق الذرية من غير أن تسأل تلك الذرية ذلك الوالد في قبره ، قال تعالى ] وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقلوا قولاً سديداً [ وهذا أمر كوني قدره الله تعالى لا أمر شرعياً ، فقد قدر الله ذلك في كتابه فلا معنى في سؤال الآباء ذلك . وما جاء في قصة الغلامين فهو عين ما قررناه ، فقد حفظ الله مالهما بسبب صلاح الأب من غير أن يطلبا ذلك منه ، فكيف يتمسك بمثل ذلك على جواز الاستغاثة بالأموات .

ت‌- ومن ذلك قولهم : إن مما يدل على أن الحي ينتفع بالميت أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ كما روى ذلك أبو داود الطيالسي قال : حدثنا الصلت بن دينار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال : قال -صلى الله عليه وسلم- (( إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم فإن كان خيراً استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك )) وبما رواه أحمد عن عبد الرزاق عن سفيان عمن سمع أنسا يقول قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (( إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيرا استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا )) .
والجواب عن ذلك :
أولاً : إن هذه الأحاديث وغيرها مما جاء في معناها لو صحت فإنما فيها عرض الأعمال والدعـــاء من الأموات للأحياء وكلامنا إنما هو في طلب الغوث من الأموات فهي عكس ما دلّت عليه الآثار ، وليس في هذه الأحاديث ما يدل على ذلك فلا يصلح التمسك بها في هذا الموضوع .
ثانيا : أن فيها دعاء الأموات للأحياء من غير طلب منهم فلا معنى إذا في طلب الدعاء منهم باعتبار ذلك أمراً كونياً وقد تقدم نحو هذا الكلام .
ثالثاً : كون الأموات يدعون للأحياء فلا يعني ذلك طلب الغوث منهم فقد جاء أن الملائكة يدعون للمؤمنين ويستغفرون لهم قال تعالى ] والذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا [ ومع ذلك لم تشرع الاستغاثة بهم قال تعالى ] قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً [ . قالت طائفة من السلف منهم كان أقوام يدعون الملائكة وغيرهم فنهى الله عباده عن دعائهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

[ إذا لم يشرع دعاء الملائكة لم يشرع دعاء الأموات ] < مجموع الفتاوى ج 1/16 > .
رابعاً : أن سند الحديثين المذكورين ساقط ، فأما الأول ففيه الصلت بن دينار قال الحافظ : متروك ناصبي، وأما الثاني ففيه جهالة من حدث عن أنس وبمثله لا تقوم حجة ولا يصلح به استدلالا .

وقد جاءت أحاديث بهذا المعنى كلها لا تصلح .

< وللمزيد راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم : 863و864 و14.8 >

ث‌- ومن ذلك قولهم : إن مما يدل على أن الحي ينتفع بالميت حديث : (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ومماتي خير لكم تعرض أعمالكم علي فإن وجدت خيرا حمدت وإن وجدت شرا استغفرت لكم )) .

ويجاب عنه بمثل ما ذكرنا في الحديثين السابقين وهذا تقدير ثبوت إسناده لكنه لم يصح فقد أخرجه القاضي اسماعيل في فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا عن بكر بن عبد الله المزني ن والمرسل من أقسام الضعيف ورواه أيضاً : البزار بلفظ (( إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام . قال : وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حياتي خير لكم … فذكر الحديث )) . قال : " البزار لا نعلمه يروى عن عبد الله ( ابن مسعود ) إلا بهذا الاسناد " .

وهذا اسناد فيه عبد المجيد بن أبي رواد وهو ممن لم يقبل ما ينفرد به عندهم ولذا قال العراقي في < تخريج الإحياء ج4/128 > [ رجاله رجال الصحيح إلا أن عبد المجيد وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه بعضهم ] .

وأول الحديث : (( إن لله ملائكة …. )) محفوظ من حديث سفيان عن عبد الله بن السائب به . واتفق رواة الحديث عن سفيان على هذا القدر ثم أتى عبد المجيد فتفرد عنه بزيادة (( حياتي خير لكم … )) فهذه شاذة ضعيفة لتفرده واغتر بعضهم لقول الهيثمي في مجمعه بعد ذكر رواية البزار : رجاله رجال الصحيح ، ففهم منها أن الحديث صحيح وهذا جهل وقصور بألفاظ المحدثين ، فإن هذه العبارة لا تعني صحة الحديث عندهم ، وإن ذكر العراقي في طرح التثريب ليس فيه مخالفة لقوله فإن إسناده جيد هو معناه دون الصحيح ، وعبارته المتقدمة يعني بها أنه ليس من رجال الصحيح المتفق على إتقانهم بل هو دون ذلك إلى الحسن أقرب .

< راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم " 975 وكتاب هذه مفاهيمنا ص86 وما بعدها >

الذي يظهر أن الحديث يتقوى بالمرسل السابق ، وهذه زيادة ثقة صحح مخرجها ، وليس فيها معارضة والله أعلم .

(Cool ومن شبههم قولهم : إن هؤلاء المانعين الاستغاثة عمدوا إلى الآيات القرآنية التي نزلت في شأن الكفار والمشركين فحملوها على الخواص والعوام من المؤمنين وذهبوا يحتجون بها على منع الاستغاثة ويكفرون الأمة كالخوارج .
والجواب عن ذلك :
أولاً : إن نزول جميع الآيات في هذا الموضوع في المشركين غير مسلم به ألا ترى أن الله تعالى يقول : ] وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [ والمخاطب فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : قتادة عند هذه الآية كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله فأمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يوحده وحده ومن ذلك أيضاً قوله تعالى ] فلا تدع مع الله إله آخر فتكون من المعذبين [ فأمره بعبادته وحده مع أنه -صلى الله عليه وسلم- معصوم من الشرك ومنـزه عنه . وقال عن المرسلين ] ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون [ . وقال عن سيدهم -صلى الله عليه وسلم- ] لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين [ .

وبالجملة كفى بتلك الآيات حجة على منع دعاء غير الله سواء قيل إنها نزلت في المشركين وغيرهم .
ثانياً : أنه لو سلم أن هذه الآيات نزلت في المشركين فألفاظها عامة كقوله تعالى ] والذين يدعون من دونه [ وقوله ] من يدعوا من دون الله [ وقد تقرر في محله أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولو خصصت الآيات بما نزلت فيه لبطل معظم أحكام الإسلام . راجع الصيانة ص428.

فالله تعالى لما حرم الشرك وشعبه لم يكن ذلك خاصا بالمشركين فحسب فهذا أبو واقد الليثي رضي الله عنه قال [ خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الله ‍‍أكبر إنها السنن ‍‍قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى ] اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون [ لتركبن سنن من كان قبلكم ] < رواه أحمدوالترمذي وصححه > فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنكر عليهم بما ذكر .

(9)- ومن شبههم أنه قد جاء الحديث المرفوع (( إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس يفزع إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله )) ووجه الاستدلال أن الذين يفزع إليهم قد جاء ذكرهم لفظاً منكراً [ خلقاً ] فيشمل الأحياء والأموات .

والجواب عن ذلك : إن هذا الحديث رواه الطبراني وابن عدي قال : الهيتمي في المجمع " وأحمد ابن طارق الراوي عنه لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح " ج8/192 . ورواه ابن عساكر وابن عدي في الكامل وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه وهذا اسناد ضعيف جدا وإن قيل بوضعه كان متجهاً لأن عبد الرحمن حدث عن أبيه بموضوعات كما قال الحاكم وغيره والراوي عنه عبد الله ابن إبراهيم من الضعفاء . < راجع هذه مفاهيمنا ص166-167 > .

ولو صح لوجب حمله على الأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه لا الأموات والغائبين لما تقدم تحريره .

(1.)-ومن شبههم ما ذكره البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب : يزفون النسلان . من قول هاجر في قصتها الطويلة حينما ذهب عنها الخليل وتركها وابنها فلما عطشا قامت تنظر وتذهب بين الصفا والمروة سبع مرات فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صهٍ ( تريد نفسها ) ثم تسمعت أيضا فقالت : قد أسمعتَ إن كان عندك غِواث ، وفي رواية : أغث إن كان عندك خير فإذا بالملك [ جبريل ] عند موضع زمزم .. الحديث .

والجواب عن ذلك : أن كلامنا إنما هو عن الاستغاثة بالأموات والغائبين وهاجر إنما استغاثت بحاضر سمعت صوته فثبت أن إيراد مثل هذا الحديث في مثل هذا الموضع في غير محل النزاع فلا يلتفت إليه . كما أن هذا الحديث لا يدل على مشروعية الاستغاثة بالملائكة مطلقا فإن هاجر لم تستغث به ابتداء إلا بعد حضوره وسماعها صوته .

(11)- ومن شبههم قولهم : إن سؤال الغائب حيا وميتا كسؤال المشاهد فإن الأنبياء والأولياء يسمعون خطاب الغائب البعيد ويسمع أحدهم خطاب البعيدين له .

فالجواب : أصل تلك الدعـوى مردود . فمن أين لكم اثبات أن سؤال الغائب والميت كسؤال المشاهد ؟ ومن أين لكم إثبات أن الميت يسمـع مطلق الخطاب ؟‍ ومثل ذلك لا يلتفت إليه ولا يسمع له ، ومن ادعى تلك الدعوى فقد جعل لهم سمعا مطلقا مضاهاة لله عز وجلّ وكفى به شركا وكفراً .

ثم قياس الميت على الحي في ذلك باطل فإن الحي نفسه سمعه محدود لا يسمع خطاب البعيد .ثم لو صح أنهم يسمعون نداء القريب والبعيد فلا يعني ذلك مشروعية سؤالهم والاستغاثة بهم فإن هذا يحتاج إلى دليل آخر لإثباته وأنى لهم ذلك ؟ .

فإن قال قائل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة إنه يسمع الخطاب القريب والبعيد وعليه تشرع الاستغاثة به ! والجواب عن ذلك : أنه ليس في هذا حديث معروف يدل على التسوية بين القريب والبعيد في شيء من خطابه بل الحديث يدل على نقيض ذلك فعند أبي داود وغيره من حديث أوس بن أوس قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (( إن أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي )) قالوا : يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ قال : يقولون بليت . قال : (( إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )) .

وبما أخرجه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة قال : رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (( لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني )) وحديث النسائي عن ابن مسعود مرفوعاً : (( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام )) .

وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (( ما من أحد يسلم علي إلا ردّ الله علي روحي حتى أرد السلام )) .

فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن الصلاة والسلام يعرضان عليه وأنه يسمع صلاة وسلام القريب ويبلغ سلام البعيد لا نه يسمع ذلك من المصلي والمسلم وإذا لم يسمع الصلاة والسلام من البعيد إلا بواسطة فإنه لا يسمع صلاة الغائب واستغاثته بطريق الأولى والأحرى ، والنص إنما يدل على أن الملائكة تبلغه الصلاة والسلام ولم يدل على أنه يبلغه غير ذلك .والحديث الذي فيه ما من رجل يسلم علي إلا ردّ الله علي روحي حتى أرد عليه } فهم منه العلماء السلام عند قبره خاصة ولا يدل على البعيد لما ذكر آنفا أن الملائكة تبلغة الصلاة والسلام ولو كان يسمع الخطاب بنفسه لم يحتج إلى واسطة فوجب حمله على البعيد < نقلا عن تلخيص كتاب الاستغاثة المعروف بالرد على البكري ص95-1.8 و 25.-257 . بتصرف . تحقيق : عجال > .

ثم لو صح سماعه -صلى الله عليه وسلم- الصلاة والسلام من البعيد والقريب فليس فيه دلالة على مشروعية طلب الغوث من ولا تلازم بينها كما تقدم .

(12)-ومن جملة شبههم قالوا أنتم المانعون من الاستغاثة بالأموات والغائبين تستدلون بمثل قوله تعالى ] إياك نعبد وإياك نستعين [ وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله )) فأنتم بذلك أيها المانعون آخذون ببعض النصوص وتاركون لبعضها فإنه قد جاء ما يدل على مشروعية الإستعانة بمثل قوله تعالى ] وتعانوا على البر والتقوى [ وبقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )) وتوفيقاً بين هذه النصوص يكون الجمع بينها إذا سألت فاسأل الله أولا . فسؤالك لله أولا وسؤالك لغيره واستغاثتك بغيره ثانياً .
والرد على ذلك من وجوه :
أولاً : نحن لم نستدل على منع تلك الاستغاثة الشركية بتلك الآية وذلك الحديث فحسب . بل بغيرهما أيضاً من النصوص القطعية الدالة قطعاً على كفر من استغاث بالأموات والغائبين .
ثانياً : إننا لا نقول إن الإستغاثة والاستعانة على اطلاقهما شرك بل منها الشرك ومنها غير ذلك وقد تقدم بيان ذلك في أول هذا المبحث .
ثالثاً : إن المعترض أراد أن يوفق بين النصوص ولا خبرة له بها ولا بطرق الجمع بينها ولا معرفة له بدلائلها فإن الاستعانة بقوله تعالى ] إياك نعبد وإياك نستعين [ وكذا في قوله -صلى الله عليه وسلم- (( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله )) تختلف عن الاستعانة في قوله تعالى ] وتعانوا على البر والتقوى [ وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- (( والله في عون العبد … )) الحديث . فالأولى استعانة لا تطلب إلا من الله وحده ولذلك قدم المعمول عل العامل المفيد للحصر وهذه الاستعانة هي الاستعانة منه تعالى على عبادته وحده وهي تعني التوكل عليه والتبرؤ من الحول والقوة قال ابن كثير عند تفسيره لـ ] إياك نعبد وإياك نستعين [ : [ فالأول تبرؤ من الشرك والثاني تبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى الله عز وجلّ وهذا المعنى في غير آية في القرآن كما قال تعالى ] فاعبده وتوكل عليه [ ] قل هو الرحمن آمنا به وعليه وكلنا [ ] .

وقال الإمام ابن القيم عند تفسيره للآية : [ وهذان أصلان وهما التوكل والعبادة قد ذكرا في القرآن في عدة مواضع قرن بينها فيهما هذا أحدهما ثم ذكر خمسة مواضع جاءت فيها العبادة مقرونة بالتوكل ]. < راجع التفسير القيم ص66 > .

فمعنى الاستعانة هنا هي التوكل والاعتماد عليه سبحانه وحده دون سواه ومثل ذلك حديث ابن عباس : (( إذا سألت فاسأل الله …. )) قال ابن دقيق العيد في شرح الحديث : [ أرشده إلى التوكل على مولاه أن لا يتخذ رباً سواه ولا يتعلق بغيره في جميع أموره ما قلّ منها وما كثر وقال تعالى ] ومن يتوكل على الله فهو حسبه [ ] . وقال ابن رجب في شرحه للحديث :[ وقوله -صلى الله عليه وسلم- (( إذا سألت فأسأل الله … )) منتزع من قوله ] إياك نعبد وإياك نستعين [ فإن السؤال هو دعاؤه والرغبة إليه والدعاء هو العبادة ] فأنت كما ترى أن الإستعانة في الآية والحديث إنما تتعلق بالتوحيد والعبادة فلا يجوز إذن صرفها لغير الله تعالى ولا طلبها إلا منه وحده .

وأما قوله تعالى ] وتعاونوا على البر والتقوى [ فقد قال ابن كثير في تفسيرها : [ يأمر الله عباده بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر وترك ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاستغاثة الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكم الشرع في إجازة السبت الشيخ / عبد الله بن فيصل الأهدل
» الإحكام في أحكام الخروج على الحكام الشيخ / عبد الله بن فيصل الأهدل
» الشيخ عبدالله بن فيصل الاهدل بمدينة الشحر: المطالبة بطرد الشماليين ظلم
» الشيخ الأهدل : الوحدة اليمنية أو الانفصال ليست من الثوابت إنما هي من المتغيرات تخضع للمصلحة والمفسدة
» الشيخ الأهدل يرجع أسباب اختلال الأمن لأياد تعبث بذلك ويقدم الحجة لشباب القاعدة لترك هذه الأعمال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ▁▂▃▅▆▇●【المنتديات الإسلامية】●▇▆▅▃▂▁ :: 二★●【 المنتدى الإسلامي العام 】●★二-
انتقل الى: