الشافعي الصغير (( عبد الله بن عمر بامخرمة ))
الشافعي الصغير (( عبد الله بن عمر بامخرمة ))
لقد أنجبت حضرموت عدداً كبيراً من العلماء الأفذاد ملأت شهرتهم أصقاع الأرض وقدموا خدماتهم الجليلة للبلدان التي استوطنوها ، علما وأخلاقا .
واتسمت هذه الأعلام بالموسوعة فنجدهم نوابغاً في علوم شتى ، حيث لم يقتصر جهدهم على تخصص بعينه . ومن هذه الشخصيات : العلامة الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة إذ إنه ذو كفاية نادرة ، ومواهب خارقة ، وعقل فذ ، حيث أدهش كثيراً من معاصريه بسعة اطلاعه وكثرة معلوماته ووفرة ذكائه ، حيث كان ــ أي صاحب الترجمة ــ معروفاً بين أهل عصره بأنه حجة يعتمد عليه في مذهب الشافعية حتى لقبه الناس في ذلك العصر بالشافعي الصغير .
وهو ثالث ثلاثة في عصرهم من المراجع في فقه الشافعي والاثنان الآخران هما : أحمد بن حجر الهيتمي المكي ، ومحمد بن أحمد الرملي المصري .
وأن كان لهم زملاء آخرون جهابذة في الفقه الشافعي إلا أن هؤلاء الثلاثة كانوا رجال الساعة في عصرهم تقدم آراؤهم وترجح على أراء الآخرين وإذا اختلفوا فإن لكل منهم أنصارا وأتباعا ً .
نشأته وحياته العلمية:
هو عبد الله بن عمر بن عبد الله بن أحمد بامخرمة السيباني الحميري .
ولد بمدينة الشحر في جمادي الآخرة سنة 907 هــ حفظ القران وهو أبن سبع سنين درس مبادئ العلوم الدينية واللغوية على علماء الشحر وعلى أبيه الصفوي الشاعر الكبير عمر بن عبد الله بامخرمة ، وعلى عمه العلامة المؤرخ الطيب بامخرمة . نشأ في بيت علم وبين أفراد أسرة مثقفة متعلمة وصالحة فنجده وأباه وأعمامه وعدداً من أبناء عمه وأبنه ومن بعدهم كلهم علماء كبار ، والبيت المخرمي بيت علم وفقه وقضاء وقد أخذ عبد الله بن عمر العلم على يد عدد من علماء الحجاز منهم :أبو الحسن البكري ، ومحمد بن عراق ، والسيد السمهودي ، وفي 5xxxxد أبو العباس الطنبداوي ، وأحد المزجد ، والحافظ بن الربيع . وكانت حصيلته وفيرة جدا سواء في الكم أو الكيف فقد توسع في عدد من العلوم الشرعية والعقلية والعربية ومنها الأصول والحديث والفقه والتفسير وآلاتها وأقسامها والتاريخ والأنساب .
وكان صاحب الترجمة من الفقهاء المعتدين بأنفسهم الواثقين من ثقافتهم وقد منحه الله طلاقة في اللسان وقدرة على التأثير وقد تقدم لمناظرات علمية مع كبار العلماء ومن بينهم العلامة والشيخ عبد القادر بن أحمد الإسرائيلي الحباني ولما حج سنة 949 هــ طلب مناظرة علامة الحجاز وأكبر فقهاء الشافعية الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي وقيل أن حجر أحجم عن مناظرة الفقيه الحضرمي معتذراً بما يقال عنه من حدة الطبع وسرعة الغضب وأنه قد تؤثر غلبة أحدهما على الأخر في الجماهير المتعلقة يهما يقول عنه شيخه الطنبداوي (( والله إني أعتقد فيك أنك أوحد علماء العصر وذلك لما وقفت عليه من فتاويكم بأيدي الأشراف آل باعلوي وهي كلها منقحة زادكم الله علماً وحلماً ومتع بكم المسلمين )) .
وكان علامة الشافعية في اليمن عبد الرحمن بن زياد صاحب المباحث والردود مع أبن حجر ومقره 5xxxxد لا يفتي عند وجود أبي مخرمة ب5xxxxد ويقول لا ينبغي لأحد من أهل زماننا أن يفتي وشيخ الإسلام عبد الله بن عمر عنده .
حياته السياسية
لم تخف مواهب الفقيه بامخرمة ومقدراته العلمية على السلطان بدر أبي طويرق فصمم على الانتفاع به و الاستفادة منه وولاه قضاء الشحر ومنصب الإفتاء وكان كرئيس القضاة ، كما كان أمين سر له يستشيره في شؤون الخارجية ويفوض إليه قراءة الأوراق الرسمية والإجابة عنها .
أبرز مؤلفاته :
ــ حاشية على أسنى المطالب شرح الروض .
ــ الفتاوي الكبرى .
ــ المصباح الصغير الهجرينية .
ــ شرح الرحيبة في الفرائض .
ــ تراجم تاريخية.
كما له عدة رسائل منها :
1 ـ رسالة في علم المناسك .
2 ـ رسالة في علم المساحة .
3 ـ رسالة في علم سمت القبلة .
وغيرها .
وعندما نقول إن هذه الأسرة هي أسرة علم وفضل نستشهد هنا بما كتبه المؤرخ / سعيد عوض باوزير في كتابه صفحات من التاريخ الحضرمي حيث ذكر بعض الأعلام لهذه الأسرة ومنهم :
1 ـ والده العلامة الشاعر الكبير عمر بن عبد الله المتوفى سنة 952 هــ .
2 ـ جده العلامة الفقيه مفتي عدن ومدرسها عبد الله بن أحمد 903 هــ.
3 ـ عمه الفقيه المؤرخ الطيب بن عبد الله ت 947 هــ .
4 ـ ابن عمه الفقيه القاضي محمد بن الطبي ت 933 هــ .
5 ـ ابن عمه الخطيب المحدث الفقيه عبد الله بن الطيب ت 975 هــ .
6 ـ عمه الفقيه أحمد بن عبد الله بن أحمد ت 910 هــ.
7 ـ عمه عبد الله بن عبد الله المتوفى بحرض من أرض اليمن .
8 ـ محمد بن عمر قضام بامخرمة ت 951 هــ .
وفاته وقد قضى صاحب الترجمة الجانب الأكبر من حياته في حضرموت متخذا مدينة الشحر مقراً لإقامته وسكناه ، ثم أنتقل إلى عدن في أخر سنين حياته حيث تولى هناك منصب الإفتاء ونظارة الأوقاف ووظائف التدريس في المدرسة الطاهرية والمدرسة المنصورية والمدرسة الفرحانية ، واستمر مباشراً وظائفه العلمية مقبلا على التأليف والإنتاج الفكري والدعوة إلى الله وبث تعاليم الإسلام .
توفي بعدن وهو في أبرز مناصبها العلمية سنة 972 هــ ودفن في الموضع الذي دفن فيه جده عبد الله بن أحمد بامخرمة قرب مشهد الشيخ جوهر بعدن .
بقلم / خالد حسن الجوهي