علي ناصر البخيتي
مسلسل صراع هادي ومحسن وتناقض المشاهد
الاربعاء 16 يناير 2013 14:14
نكتب وأيدينا على قلوبنا، فقد ندعم موقفاً ظاهرياً لطرف معين، ثم نفاجأ أن
الحقيقة مختلفة، وأن هناك صفقة قد تمت وما يحصل من مبارزة إعلامية هو
لتهيئة الرأي العام لتقبل تلك الصفقة، فنظهر سطحيين أمام قرائنا.
الظاهر أن هناك خلافاً وصراعاً محتدماً بين الرئيس هادي وعلي محسن، لكن
عندما نتأمل في المشاهد المرافقة للصراع، نجد أن هناك الكثير من علامات
الاستفهام التي توحي بأن الأمور قد حسمت وأن الخلاف – إن وجد - فهو على
الكم وليس الكيف، وهو على التفاصيل وليس في الأصل.
المشهد الأول: خروج العميد أحمد علي قبل صدور القرارات واستمراره في
الخارج بعد صدورها: هذا المشهد يؤكد أن هناك صفقة قد تمت وأحمد مطمئن على
موقعه الجديد، تلك الثقة توحي أيضاً أن هناك ضمانات مؤكدة وواضحة لأحمد
ووالده ومن أطراف ذات ثقل كبير وبالتأكيد فإن السفير الأمريكي هو العراب
الرئيس للصفقة والضامن لتنفيذها، ولو لم تكن الأمور واضحة بالنسبة لأحمد
ووالده لعاد فور صدور القرارات أو على الأقل عند الانقلاب الذي حصل في لواء
العمالقة، خوفاً من حصول تمردات مماثلة في بعض ألوية الحرس.
المشهد الثاني/ الاعتداء والانقلاب على اللواء السدمي المعين من قبل هادي
قائداً للعمالقة: هذا المشهد يوحي أن الصفقة حظيت بمباركة محسن وصالح، وأن
هناك اتفاقاً آخر خاصاً بينهما بوساطة من شخصيات سنحانية نافذة، لحفظ
مصالحهما ومصالح القبيلة معاً، ولو لم يكن هناك اتفاق خاصاً – بعد الصفقة
الأم مع هادي – لعاد أحمد فور الانقلاب الذي حصل في العمالقة، لكن يظهر أن
ما حصل في العمالقة لم يكن رسالة من علي محسن لهادي إنما رسالة مشتركة من
سنحان "صالح ومحسن" لهادي مفادها "التزم بما اتفقنا ولا تتذاكى علينا" لأنك
لن تكون بمأمن حتى لو غيرت كل قادة الألوية.
المشهد الثالث / المعركة الإعلامية بين صالح ومحسن: هذا المشهد يؤيد
التحليل بوجود صفقة خاصة بعد الصفقة الأم، لأنه لو لم تكن هناك صفقة لكانت
المعركة أكثر حدة خصوصاً مع ضخامة الأحداث والتناقضات الظاهرية والتمردات
التي حصلت في بعض الألوية، لكننا نلاحظ أن الحملة يقودها مرتزقة الطرفين من
تلقاء أنفسهم دون أن يكون هناك تحفيز مباشر من الأطراف المفترض تصارعها،
فتمرد علي محسن كان سيغري صالح للظهور الإعلامي أكثر من مرة ليشن هجوماً
عليه ترافقه تغطية واسعة من وسائل إعلامه، خصوصاً أن صالح خرج في أحداث أقل
أهمية بكثير.
المشهد الرابع / إحالة الرئيس لمشروع قانون العدالة الانتقالية " بعد
إفراغه من محتواه ": إصدار ذلك القانون وبتلك الصيغة المستفزة للكثير من
القوى السياسية في الوقت الذي يحتاج الرئيس إلى دعم تلك القوى في صراعه
المفترض مع علي محسن يوحي بأن هادي في غنى عن دعم تلك القوى، لأنه ينفذ
الصفقة، وأن القانون أحد بنودها حتى يأمن الطرفان "صالح ومحسن" وينفذا ما
يخصهما فيها.
المشهد الخامس / نفي المصادر الرئاسية والسفير الأمريكي وعلي محسن لوجود
خلافات: هذا المشهد يوحي بوجود خطابين، خطاب للعامة يوحي إليهم أن هناك
صراعاً وأن هادي يواجه معضلات، وأن الأمور قد تتحول إلى صدام تمهيداً لقبول
القرارات الجديدة، والخطاب الثاني الذي ينفي الخلاف موجه للنخبة السياسية
المشاركة في التوقيع على المبادرة الخليجية حتى لا تُحس أنها خدعت عندما
تعلن القرارات الجديدة التي ستبين الصفقة في شكلها النهائي.
المشهد السادس / قيام الفرقة بحفر خنادق جديدة لقواتها وإعادة انتشارها
داخل العاصمة: ذلك التصرف ليس من أساليب علي محسن لو كان جدياً في صراعه مع
هادي، فلديه وسائل أخرى أكثر ضغطاً وأكثر حفاظاً على الثقة التي حظي بها
عند بعض الأطراف " الثورية " مؤخراً، كما أن ذلك المشهد لم يرافقه سيناريو
مماثل لدى الخصم المفترض " الحرس الجمهوري " وذلك يوحي أن الصفقة الخاصة "
السنحانية " بين محسن وصالح ثابتة، وأن حفر الخنادق وإعادة الانتشار
المتبادل بين هادي ومحسن يهدف إلى تخويف المواطنين من انفجار الأوضاع
تمهيداً لقبولهم القرارات الجديدة بمساوئها.
المشهد السابع / التسريب الخاص بتعيين أحمد في المنطقة المركزية وعلي
محسن في الشمالية: مر ذلك التسريب مرور الكرام دون اعتراض عليه من علي محسن
ووسائل إعلامه أو من القوى المؤيدة له، مع أن ذلك لو تم – في عدم وجود
صفقة خاصة – يعد ضربة لعلي محسن والأطراف المتحالفة معه، فالمنطقة المركزية
هي أهم المناطق والتي تشرف على العاصمة، كما أن صدور مثل تلك القرارات
يؤكد الصفقتين معاً "العامة والخاصة"، لأن محسن لا يمكن أن يخرج من صنعاء
إلا وهو مطمئن بعد الصفقة الخاصة، وهذا يدل أيضاً أن للسعودية دوراً، لأن
وجود محسن في الشمالية مطلب سعودي لمواجهة الحوثيين، كما أن ذلك يفسر تعيين
بعض الموالين لعلي محسن في مناصب قيادية في الحماية الرئاسية الخاصة
بالرئيس هادي لتعويضه عن النقص الذي سينشأ عن إخراجه من صنعاء، ولو لم تكن
هناك صفقة ما استعجل هادي وعين مقربين من محسن في ألوية الحماية، ولكان
أجرى تغييرات واسعة فيها – خوفاً من وجود خلايا نائمة للجنرال - خصوصاً بعد
التمرد الذي حصل في العمالقة ضد القائد المعين من قبله.
أتمنى أن يكون التحليل السابق أضغاث أحلام، وأن الحقيقة هي ظاهر ما يحدث،
وما سيوضح المشهد هي القرارات التي من المفترض أن يعلنها هادي، فإن تم
تعيين أحمد علي في المنطقة المركزية وعلي محسن في الشمالية، ولم يعترض علي
محسن بشكل جدي، فمعنى ذلك أن الصفقتين " العامة والخاصة " هي الحقيقة وأن
ما حصل من خلافات وتسريبات هو بهدف تهيئة الرأي العام لهما.
عن موقع يمن لايف