نقلا عن صدى عدن
مكونات الحراك .. و توحيدها
الجمعة , 10 أغسطس, 2012, 08:14
صدى عدن - خاص
بقلم/ رامي الكثيري
بعد إنطلاق جمعية المتقاعدين العسكريين في الجنوب ، و بدئها بإحتجاجاتها على الظلم الذي طال المسرحين من الجيش و الامن الجنوبي بعد حرب إحتلال الجنوب عام : 1994 م ؛ إنتشرت الإحتجاجات و الإنتفاضات في الجنوب إنتشار النار في الهشيم ، و لم يستطع أغلب القياديون الجنوبيون تحديد ماهي
ة هذه الإحتجاجات و الانتفاضات ؛ نتيجتا : لحالة الإنفصال بينهم و بين شعبهم و الواقع بشكل عام ، فلم يدركوا أن ما يحدث هو : ثورة شعبية ضد الإحتلال اليمني - و هو ما أكدته لاحقا مقاطعة الإنتخابات الرئاسية اليمنية في الجنوب - و تاهوا عن صوت السواد الأعظم من شعب الجنوب وسط زحمة الاصوات التي تنادي بـ : الفدرالية ، و إصلاح مسار الوحدة ، و تغيير النظام ، و إعادة الأراضي المنهوبة و المسرحين إلى اعمالهم .. ، و بدلا من تسمية ما يحدث بـ : الثورة الجنوبية ، تم التوافق على تسميته بـ : الحراك الجنوبي ، الذي لم يُتفق على تعريف له حتى الان ، و قد كان لنظام العدو المحتل دور كبير في هذا الأمر .
و في ضل هذا الجو من التخبط من قبل القياديين الجنوبيين - لا الشعب - طالب الكثير بـ : تنظيم و تاطير الحراك الجنوبي و إختيار قيادة له ؛ حتى يُمكن تحديد أهدافه و مطالبه ، و سياساته لتحقيق هذه الاهداف و المطالب ، و جمع جهود أنصاره في سبيل ذلك . و تم تشكيل : المجلس الوطني لتحرير الجنوب و انتخبت قيادة له ، إلا انه و بعد إنضمام العديد من الجنوبيين للحراك ، بينهم اتباع الحزب الاشتراكي اليمني ( حوشي ) ؛ تم تشكيل العديد من الكيانات داخل الحراك الجنوبي ، أفرز كل واحد منها العديد من القيادات . و هو ما أدى إلى : تناقص العمل الثوري أو الإحتجاجات الجنوبية ؛ مع كل ظهور لكيان جديد من هذه الكيانات ، و هو أمر طبيعي : فالثورات الشعبية تذوب فيها التنظيمات و الحركات و كافة الكيانات السياسية ، و تندمج فيها القيادات مع الجماهير ، و تلتحم جميع مكونات و شرائح و فئات الشعب في سبيل تحقيق أهدافها ، و هو سر قوتها و نجاحها الدائم . و تفشل عندما يتم تنظيمها و تأطيرها و تحويلها من ثورة شعبية إلى عمل تنظيمي .
و إذا ما قمنا بتقييم أداء هذه الكيانات المسماة : مكونات ، و فصائل ، و تكتلات .. الحراك الجنوبي ، نجد أن جميعها لم تقدم أي شيء جديد أو مفيد للقضية الجنوبية إلا قليلا . و لا نجد لأغلبها أي نشاط أو تفاعل مع الاحداث في ساحة النضال يستحق الذكر إلا نادرا ، في حين : أنها تنشط بكثرة في الإختلاف مع بعضها البعض . و قد عكست الكثير من الأحداث التي مر بها الجنوب منذ إنطلاق ثورة الحرك : عدم تحضير جميع هذه الكيانات نفسها و وضعها الخطط لمواجهة كافة الإحتمالات و إستخدام كافة الخيارات المتاحة . و مع كثرة عددها داخل الحراك ، لم يبرز عدد أو احد منها حتى الأن بـ : تصعيد الإحتجاجات ، و إطلاق الدعوات ، و تقديم المقترحات .. و الاجتهاد في سبيل القضية الجنوبية ، و كأنها جميعا متفقة فيما بينها على بقاء الوضع على ما هو عليه .
إلا أن أمّر ما في هذا الأمر : تبني الكثير من قيادات المكونات لـ : الدعوة إلى : توحيد هذه الكيانات ، و اعتبار ذلك : مقدمة للنضال في سبيل تحقيق أهداف القضية الجنوبية . و هو الأمر الذي أدى إلى : عدم تطور ثورة الحراك و تصاعد إحتجاجاتها في انتظار توحيد هذه الكيانات . بل : و أصبح الحديث عن توحيد مكونات الحراك يقفز للواجهة كلما جد أمرأو تهيا جو لتصعيد النضال الثوري كـ : إنفصال جنوب السودان ، و انتصار ثورة تونس ، و انتصار ثورة مصر ، و مغادرة الرئيس / علي عبدالله صالح لكرسي الرئاسة ، و احداث المنصورة .. التي برزت مع جميع هذه الاحداث الدعوة إلى توحيد مكونات الحراك ، مدخلتا أبناء الجنوب في متاهاتها ، مما بدد حماس الجماهير ، و صرف الأنظار عن التصعيد الثوري .
إن توحيد الكيانات و الأطر و الحركات في اي ثورة أمر شبه مستحيل ؛ فغالبا : تكون لهذه الكيانات و الأطر أيديولوجيات و حسابات خاصة بها ، و تكون لها قيادات و قواعد و علاقات سرية لا تريد كشفها ، لذا : فهي تحافظ على إستقلاليتها و تتحول غالبا إلى : احزاب سياسية بعد نجاح الثورات . لذالك : فإنها لا تتوحد بل : تتعاون مع بعضها و توحد جهودها في خدمه قضاياها الوطنية كـ : إشتراك حركة أمل السنية مع حزب الله الشيعي في القتال ضد العدو الصهيوني و تنفيذهما عمليات قتالية مشتركة ، و قتال الفصائل الفلسطينية ( حماس ، الجهاد ، فتح -القطاع - ، الجبهة الشعبية ، .. ) مع بعضها ضد العدو الصهيوني في غزة ، و إلتحام جميع الاحزاب و الحركات و التنظيمات المصرية في ثورة شباب مصر و قبل ذلك في حركة كفاية . دون الحاجة إلى : ان تتوحد تلك الكيانات مع بعضها .
أن أكثر ما يثير الريبة و القلق و الشكوك في هذا الأمر هو : تمسك القيادات التي خبرت منذ عشرات السنين العمل الحركي و التنظيمي و الحزبي و السياسي و المخابراتي .. بمهزلة : توحيد مكونات الحراك ، و أصرارها على توحيد مكوناته و هم يعلمون صعوبة هذا الامر ، بدلا من الدعوة إلى : تصعيد العمل الثوري و حث هذه الكيانات على التصعيد .
لا أعلم إلى متى سوف تستمر هذه المهزلة ، لكني أعلم انها لن تطول ؛ فلم يبقى أمام قادة هذه المكونات إلا ان يعيدوا الحرك ثورة شعبية كما كانت ، و يسارعوا إلى تفعيل و تصعيد العمل الثوري ، أو يجدو أنفسهم خارج الساحة الوطنية ، بعد أن ازاحتهم من العاصمة عدن ثورة شباب الـ16 من فبراير ، و لم يبقى إلا إزاحتهم من المكلاء التي تغلي عليهم الأن .
رامي غالب الكثيري
وادي بن علي