بسم الله :
حديث من القلب , عن الحمير التي تحمل كتبا لا تعلم ما فيها من فوائدأو أضرار :
دخلت مرة بيت أحدهم في بعض البلاد المجاورة , وطالت الجلسة , بعد أن حضر عدد من معارفه , وتطرق الحضور إلى أحاديث أدبية ثم تاريخية وثقافة عامة , وكان يقوم مضيقنا ويقعد بعد أن يسمع اسم كتاب يذكر بهذا المجلس , وبعض تلك الكتب مجلدات , ويتناول الحضور تلك الكتب ويستدلون بما جاء في تلك الكتب على صدق ما جاء عليه حديثهم , وكنت أكبر في نفسي هذه الشخصية . لكنه عندما شارك في بعض ماقيل وغرد بخلاف السرب , عرفت أن كتب الرجل لا تدل على علمه ولا قهمه , واتضح أنه لا يفقه شيئا مما تحتويه مكتبته . وأن هذه الكتب مجرد كتب زينة لا للقراءة . وقد خرجت من سدة النقاش إلى ما أنا فيه أفكر , والهمني الله سبحانه وتعالى إلى قوله :
قال الله تعالى في آية محكمة { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا } المدثر آية 34.
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ضرب سبحانه لليهود الذين تركوا العمل بالتوراة مثلا فقال : مثل الذين حملوا التوراة أي : كلفوا القيام بها والعمل بما فيها ثم لم يحملوها أي : لم يعملوا بموجبها ولا أطاعوا ما أمروا به فيها كمثل الحمار يحمل أسفارا هي جمع سفر وهو الكتاب الكبير لأنه يسفر عن المعنى إذا قرئ .
قال ميمون بن مهران : الحمار لا يدري أسفر على ظهره أم زبل ؟ فهكذا اليهود .
وقال الجرجاني : هو يعني حملوا من الحمالة بمعنى الكفالة ، أي : ضمنوا أحكام التوراة ، وقوله : يحمل في محل نصب على الحال ، أو صفة للحمار إذ ليس المراد حمارا معينا ، فهو في حكم النكرة كما في قول الشاعر :
ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثم وقلت لا يعنيني