انور السكوتي مراقب عام
البلد : الشحر تاريخ التسجيل : 21/04/2012 عدد المساهمات : 1372 نقاط : 11336 السٌّمعَة : 1
| موضوع: اسطورة الرجل الذئب الحضرمية الإثنين يونيو 24, 2013 7:14 pm | |
| أسطورة رجل الذئب الحضرمية لم يكن فيما كتبه المقريزي بمؤلفه النادر والموسوم بـ(( الطرفة الغريبة في أخبار وادي حضرموت العجيبة )) بالغريب عما نسب لهذا القطر الكبير من قصص وحكايات ممتعة اختلطت فيها الحقيقة بالأسطورة , الواقع بالخيال , فقد سبق وأن نسب للحضارمة العديد من الأساطير والخرافات التي تجعل من هذا القطر , كبير في عطائه الفكري , غزير في موروثه الشعبي , وهو العطاء الذي إذا لاقى الدراسة الجادة والاهتمام الكافي قبيل اندثاره , لقدّم للإنسانية تراثاً جديراً بالوقوف أمامه وقفة إجلال و إكبار لما له من دلالات على إصالة هذا الإنسان الحضرمي وإصالة تراثه الغني والذي سيسهم حتما في رفد الفكر الإنساني بمنابع أخرى جديدة تتيح له الإبحار إلى حيث مكامن الأصداف والدرر . ولعل في هذا المقال المتواضع , ما يمكننا من أن نسلّطُ الضوء لإبراز ولو جزء ضئيل من تراثنا الشعبي وخاصة في المجال الأسطوري وهو مجال لم يتطرق إليه من الباحثين إلا نزر لا يعتد بهم عددا , مما أعاق من ظهوره وإبرازه بالشكل اللائق أسوة بشعوب ومجتمعات أخرى حالفها الحظ فسجلت حضورها في تراث الإنسانية وفكرها. وبعيدا عن البحث في الميثولوجيا واشكالها او الخوض في صراعات المفاهيم والمصطلحات وتجنباً للإطالة وعودة لما بدأناه , يمكن القول أن ماقدمه المقريزي في كتابه السالف الذكر أو بمعنى أدق في رسالته والتي أكتتبها سنة 839هـ / 1435م في مكة المكرمة , تعد من المصادر التي تبين لنا جانب من جوانب الحياة الفكرية في تلك الفترة وما ساد فيها من تصورات واعتقادات قد لا يستسيغها عقل اليوم ولكنها كانت مستساغة لدى المتفاعلين معها إيمانا , كما أنها مستساغة اليوم لدى المهتمين بها والباحثين عنها بهدف الدراسة وتأصيل الهوية . وتلك التصورات الواردة بالرسالة , لم يـوحِ بها خيال المقريزي طبعاً , وإنما أخذها عن الرواة الحضارمة منهم من صرح باسمه في كتابه وهو ( عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن سالم بن بريك ) وهذه الشخصية أكد وجودها الإمام السخاوي عند ترجمته لها في الضوء اللامع . وكان من جملة ما أخبر به المقريزي في رسالته تلك , أسطورة الرجل الذئب الحضرمي ففي وادي حضرموت كما ذكر (( بالقرب منه على مسيرة يومين إلى نجد قوم يقال لهم الصيعر يسكنون القفر في أودية وينزلون بيوت الشعر ويزرعون على المطر وبأرضهم نبق كثير جداً بحيث أن الشجرة الواحدة تغل وقر خمسة اباعر وترهن في عشرة مثاقيل من الذهب , فإذا اجدبت أرضهم لقلة الغيث يبس شجر النبق ولم يبق لهم زراعة فتموت ماشيتهم وهم أصحاب شاه وبعض إبل , فإذا كان كذلك انقسم الصيعر على قسمين فرقة تخيف السبيل وتأخذ المارة , وفرقة تنقلب ذئاباً ضارية وذلك أن الواحد منهم عنده خرزة من كنوز ظفروا بها من عهد عاد فإذا أراد الواحد منهم أن ينقلب ذئباً تثاءب مراراً وأحمر لونه فيخرج الخرزة من حقوه ويبتلعها فينقلب في الحال ذئباً له ذنب ووبر يمشي على أربع ويسوح فيفترس من وجده من بني آدم وما يظفر به من الغنم ولا يزال كذلك حتى إذا أراد أن يخرج من مسلاخ الذئب إلى هيئة الإنسان وصورته تمرغ بالأرض وإذا به بشرا سويا كما كان فتقع تلك الخرزة , وكلما أراد أن ينقلب ذئباً بلعها كما تقدم فانه يصير ذئبا وهذا امر مشهور عند جميع أهل حضرموت لا ينكره أحدُ منهم لمعرفتهم به المعرفة التامة ))(1) . ونعت الصيعر (2)خاصة بالذئاب هنا لم تكن الوحيدة , فهذا المستشرق الانجليزي انجرامس نجده في تقريره الخاص عن حضرموت 1934- 1935م انه (( كان أكثر واقعية عند وصفه الصيعر بالذئاب أو ذئاب الصحراء , وذلك مقارنة بخيالية المقريزي ومبالغة راويه , حيث علل ذلك بسبب تنقلات الصيعر الليلية وإغاراتهم الدائمة على القبائل والمناطق المحيطة بسبب شظف العيش وطبيعة أرضهم القاحلة فلا عشب بها ولا زرع ولا تموين من سلطة . لدرجة أصبحت فيها لفظة الصيعر نفسها تبعث في نفوس الناس الخوف والرعب , فلا عجب من أن يحاك الناس عنهم اساطير وخرافات تقترب من أسطورة الرجل الذئب Wolf man والكانيبال , وفي الماضي كانت مثل هذه التصورات هي السائدة ))(3). كما أن مثل هذه الروايات ليست بالغريبة في تراثنا العربي إجمالا , فقد سبق المقريزي إلى مثل هذا الطرح أبي الحسن علي المسعودي ( ت : 346هـ / 956م ) في كتابه أخبار الزمان , حينما أشار إلى أن (( شرقي القلزم مما يلي في البحر أُمة متولدة من صنف السباع وبني آدم وجوهها عراض كثيرة الشعر مثل وجوه السباع وعيونها مدورة بصاصة وأنيابها بارزة طوال وأذانها طوال وابدانها كأبدان الناس إلا ان لهم أظفارا كبارا معقفة محدودة وليس وراءهم غيرهم وطعامهم دواب الأرض ))(4) . ومثل هذه التصورات ليست حكراً علينا وحدنا , وانما تكاد تكون موجودة بالموروث الشعبي لأغلب الشعوب بما فيها تلك التي بلغت شأواً في الحضارة والتقدم في تاريخ العالم القديم ونقصد بها الحضارة الإغريقية والرومانية (5). وحتى في المناطق التي لا توجد ببيئتها ذئاب نجدها تستيعض عن ذلك بحيوان مفترس آخر , فيظهر في تصوراتهم الرجل الأسد أو الرجل النمر أو الرجل التمساح أو الرجل الدب أو الببر كما هو في بورما والهند. حيث يتحول الرجل بفعل قوة السحر أو مسببات أخرى إلى ذئب أو أسد . وقبيل عودة الرحالة ماركو بولو إلى البندقية (( لم تكن أوربا تعرف إلا القليل عن أسيا . وكانت الخرافات تقول أن تلك القارة كانت قارة المسوخ والشياطين . وفي القرن الثاني عشر كان المسيحيون يتجادلون حول إمكانية تنصير أهل الهند , إذ كانوا يعتقدون أن رؤوسهم رؤوس كلاب . وحتى في أواخر القرن الرابع عشر كان في بعض المخطوطات صور لهنود لهم رؤوس الكلاب , وهي خرافات لم يبددها نهائياً سوى اكتشاف الطرق البحرية المباشرة إلى الشرق ))(6) . إنَّ مثل هذه التصورات والاعتقادات لطالما ألهمت عقول الأدباء والروائيين في بقاع العالم , فسطروا على منوالها أروع قصصهم وأدبياتهم , ولنا أنْ نستشهد بمثال واحد وهي رواية جزيرة الدكتور مورو للروائي الإنجليزي هربرت ولز والتي تحكي تحول البشر إلى حيوانات مفترسة عن طريق الحقن وليس السحر. لتترجم مثل هذه الرواية وروايات أخرى مشابهة , إلى أعمال سينمائية حملت بعضها نفس الاسم ( الرجل الذئب Wolf man ) او المستذئب . وقد لاقت مثل هذه الأعمال شهرة ورواج لا نظير له . ويبقى لنا من سؤال أخير : متى يأتي اليوم الذي نستلهم فيه تلك التصورات الشعبية المرتبطة بتراثنا وثقافتنا في أعمالنا الأدبية والفنية ؟ بل والأهم من ذلك , متى يأتي اليوم الذي نبحث فيه عن ذلك الإرث ونصونه من الضياع ؟. بقلم / أنور حسن السكوتي__________________________________________ (1) انظر الطرفة الغريبة في أخبار حضرموت العجيبة , احمد بن علي المقريزي , تحقيق المستشرق سكيوي , بون , 1866م , ص19-20 .(2) لمعرفة المزيد عن قبيلة الصيعر الكندية يمكن الرجوع إلى ادوار التاريخ الحضرمي محمد بن احمد الشاطري , ص360 . و ادام القوت في ذكر بلدان حضرموت , عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف , دار المنهاج , ط1 , 2005م , ص1040 .(3) لمعرفة ماكتبه المستشرق الانجليزي دبليو اتش انجرامس عن قبائل الصيعر انظر تقريرة حول الحالة في حضرموت سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وهو المعروف بحضرموت 1934 – 1935 م تعريب د . سعيد عبد الخير النوبان . ص135 – 136 ) . و لكاتب السطور مؤلف بعنوان من الفولكلور الشحري , دراسة ميدانية لجمع وتوثيق التراث الشعبي الحضرمي , مخطوط , تناول فيه عدد من هذه التصورات التي يزخر بها مجتمعنا الحضرمي قديمه وحديثه.(4) ابي الحسن علي بن الحسين المسعودي , اخبار الزمان ومن اباده الحدثان ص17 .(5) للمزيد عن الرجل الذئب عند الشعوب انظر , معجم الفلكلور , د . عبد الحميد يونس . ص264 .(6) موسوعة بهجة المعرفة , مسيرة الحضارة مج2 , المجموعة الثانية 4 , الشركة العامة للنشر والتوزيع , ص134 .لتحميل المقال انظر الرابط التالي :لتحمي | |
|
معدن ذهب عضو مجتهد
البلد : حضرموت العز تاريخ التسجيل : 01/09/2012 عدد المساهمات : 382 نقاط : 9124 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: اسطورة الرجل الذئب الحضرمية الثلاثاء يونيو 25, 2013 5:48 pm | |
| راااااااااااااااااااااااااائع جدددددددددددددددا يا استاذ ...... بارك الله فيك . | |
|
رحال عضو ذهبي
البلد : الشحر تاريخ التسجيل : 15/06/2012 عدد المساهمات : 1262 نقاط : 11152 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: اسطورة الرجل الذئب الحضرمية الأربعاء يونيو 26, 2013 5:24 pm | |
| تحياتي لك استاذ انور السكوتي , مواضيع مميزة لطالما انتظرناها وانتظرنا مثلها منك .... واخيرا ... تحياتي لك وتقديري للموضوع المميز . | |
|
ngema عضو ملكي
البلد : alsheher تاريخ التسجيل : 06/09/2010 عدد المساهمات : 1897 نقاط : 14042 السٌّمعَة : 3
| موضوع: رد: اسطورة الرجل الذئب الحضرمية الثلاثاء يوليو 16, 2013 4:38 am | |
| | |
|